كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

مغشوش فجاء ليشتري متاعاً فلم يبيعوه، فظن أنهم ظلموه وهو الظالم، والله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)} [المائدة: 27].
والناس في تحصيل مرادهم بالأسباب والدعاء أربعة أقسام:
الأول: من فعل الأسباب التي نصبها الله مفضية إلى المطلوب، وسأل سؤال من لم يدل بسبب أصلاً، بل سؤال بائس ليس له حيلة ولا وسيلة، فهذا أعلم الخلق وأحزمهم وأفضلهم.
الثاني: من لم يفعل السبب، ولم يسأل ربه، فهذا أعجز الخلق وأمهنهم.
الثالث: من فعل الأسباب، وصرف همته إليها، وقصر نظره عليها، فهذا وإن كان له حظ مما رتبه الله عليها، لكنه منقوص، ولا يحصل له ما يريد إلا بجهد، فإذا حصل فهو سريع الزوال.
الرابع: من نبذ الأسباب وراء ظهره، وأقبل على الطلب والدعاء، فهذا يحمد في موضع، ويذم في موضع، ويشينه الأمر في موضع.
فيحمد إذا كانت الأسباب غير مأمور بها .. ويذم إذا كانت الأسباب مأموراً بها .. كمن جهده العطش وعنده الماء فيتركه ويقبل على الدعاء، ويسأل الله أن يرويه .. ويشينه الأمر في الأسباب التي لا يتبين له عواقبها.
والدعاء بمنزلة السلاح، والسلاح بضاربه لا بحده فقط، فمتى كان السلاح تاماً لا آفة به، والساعد قوياً، والمانع مفقوداً، حصلت به النكاية في العدو، ومتى تخلف واحد من الثلاثة تخلف الأثر.
والدعاء سلاح المؤمن ينفع مما نزل ومما لم ينزل.
وبقدر قوة اليقين على الله وأسمائه وصفاته، والاستقامة على أوامر الله، وبذل الجهد لإعلاء كلمة الله، تكون إجابة الدعاء، وحصول المطلوب.
وأسباب إجابة الدعاء كثيرة أهمها:
الإخلاص لله عزَّ وجلَّ .. وأن يبدأ بحمد الله تعالى .. ثم الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - أول الدعاء وآخره .. وحضور القلب أثناء الدعاء .. وخفض الصوت بالدعاء ..

الصفحة 2848