كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

هذا كله كان على ربك وعداً مسئولاً:
يسأله إياه عباده المؤمنون، ويسأله لهم ملائكته، والجنة تسأل ربها أهلها، وأهلها يسألونه إياها، والملائكة تسألها لهم، والرسل يسألونه إياها لهم ولأتباعهم.
ويوم القيامة يقيمهم سبحانه بين يديه، يشفعون فيها لعباده المؤمنين، ويسألونه أن يدخلهم إياها، ويأذن لهم بالتمتع بما فيها من النعيم.
وحينذاك يتفضل الرب بإجابة تلك السؤالات، ويأذن لهم بدخولها، ويقال لهم: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)} [ق: 34، 35].
ويقال لهم كذلك: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)} [الزخرف: 70 - 72].
وفي هذا من تمام ملكه، وإظهار رحمته وإحسانه وجوده وكرمه، وإعطائه ما سئل، ما هو من لوازم أسمائه وصفاته، فهو الكريم المحسن إلى عباده، ذو الفضل العظيم والخير العميم.
فلا إله إلا الله .. أي جناية جنت العقول الفاسدة على الناس؟
وأي جريمة أوقعتها بالبشرية حين منعتهم من الإيمان؟.
وأي ظلم ظلمته البشرية حين حالت بين القلوب وبين معرفة ربها بأسمائه وصفاته وأفعاله، وحرفتهم عن عبادة الله، وحرمتهم من الوصول إلى الجنة دار رضاه.
فلله ما أشد جرم هؤلاء، وما أعظم خطرهم على البشرية، وما أشد عقوبتهم يوم القيامة: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88)} [النحل: 88].
فسبحان العليم الحليم الكريم .. وسبحان من له الملك والحمد كله، فهو

الصفحة 2852