كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

ويسأل يوم القيامة عن أربع كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاه» أخرجه الترمذي والدارمي (¬1).
ويسأل العبد من كان يعبد كما قال سبحانه: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (91) وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (93)} [الشعراء: 91 - 93].
ويسأل عن العبادة كما قال سبحانه: {مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)} [القصص: 65].
ويسأل الرسول والمرسل إليهم ماذا عملوا كما قال سبحانه: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6)} [الأعراف: 6].
فيجب على المسلم أن يحاسب نفسه في الدنيا قبل أن يناقش الحساب في الآخرة كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر: 18].
والمسلم إذا أراد من ربه شيئاً فلا بدَّ له من أمرين:
الأول: فعل السبب المأمور به شرعاً، فمن أراد الولد تزوج، ومن أراد الحب زرع، ومن أراد الهداية فعل أسبابها.
الثاني: التوجه إلى الخالق بالدعاء لحصول ما يريد، وعدم الالتفات إلى المخلوق.
فإن حصل المطلوب وإلا أكثرنا من البكاء والدعاء والصلاة والصيام والصدقة: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر: 60].
والسؤال نوعان:
سؤال محمود .. وسؤال مذموم.
فالمحمود: هو سؤال الاسترشاد والتعليم، فهذا محمود قد أمر الله به كما قال
¬_________
(¬1) صحيح: أخرجه الترمذي برقم (2417)، وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (1970).
وأخرجه الدارمي برقم (543)، انظر السلسلة الصحيحة رقم (946).

الصفحة 2860