كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 3)

ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الإحسان والنفع المتعدي كقضاء الحاجات وإغاثة اللهفات، وتفريج الكربات، وأنواع الصدقات، قد فتح له في هذا، وسلك منه طريقاً إلى ربه.
ومن الناس من يكون طريقه الصوم يجد لذته به، ومتى أفطر تغير قلبه، وساءت حاله.
ومنهم من يكون طريقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد فتح الله له فيه.
ومنهم من يكون طريقه الذي نفذ فيه تكرار الحج والعمرة.
ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق عن الخلائق، ودوام المراقبة لربه، وحفظ الأوقات.
ومن الناس السالك إلى الله في كل واد، الواصل إليه من كل طريق، فأين كانت مرضاة ربه، وأين كانت العبودية وجدته هناك.
إن كان علم وجدته مع أهله .. وإن كان جهاد وجدته مع المجاهدين .. أو صلاة وجدته مع المصلين .. أو ذكر وجدته في الذاكرين .. أو إحسان وجدته في زمرة المحسنين .. أو محبة أو مراقبة لله وجدته في المراقبين .. تَدَيَّن بدين العبودية، بروحه وقلبه وبدنه، ليس له مراد إلا تنفيذها، فهذا بأرفع المنازل.
وهذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، وكتابها أحسن الكتب وأعظمها وأحكمها وأبينها، وشريعتها أحسن الشرائع.
فالشرائع ثلاث:
شريعة عدل، وهي شريعة التوراة فيها الحكم والقصاص.
وشريعة فضل، وهي شريعة الإنجيل المشتملة على العفو ومكارم الأخلاق، والصفح والإحسان.
وشريعة عدل وإحسان، وهي شريعة القرآن التي جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - من ربه، وقد جمعت بين العدل والإحسان، كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ

الصفحة 2873