كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 4)

سواه، فليس الذي يسير في الطريق الممهد المنير، وكل ما حوله من خلق الله يتجاوب معه ويتعاون، كالذي يسير في الطريق المظلم ذي الحفر والتعرجات، وكل ما حوله من خلق الله يعاديه ويصادمه ويؤذيه.
إن طاعة الله ورسوله تحمل جزاءها في ذاتها، وهي الفوز العظيم قبل يوم الحساب، وقبل الفوز بالنعيم: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)} [الأحزاب: 71].
أما نعيم الآخرة فهو فضل زائد على جزاء الطاعة، فضل من الكريم المنان، فضل من كرم الله وفضله بلا مقابل، والله يرزق من يشاء بغير حساب.
ولعله فضلٌ نظر الله فيه إلى ضعف هذا الإنسان، وإلى ضخامة التبعة التي يحملها على عاتقه، والتي تعهد بحملها وحده، وهو على ما هو عليه من الضعف، وضغط الشهوات والميول والنزعات، وقصر العمر، وحواجز الزمان والمكان دون المعرفة الكاملة كما قال سبحانه: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)} [الأحزاب: 72].
والله جل جلاله واجب الطاعة، ومن خصائص ألوهيته سبحانه أن يسن الشريعة، وشريعته واجبة التنفيذ؛ لأنها في خلقه وملكه، فعلى الناس كافة أن يطيعوا الله كافة كما أطاعته المخلوقات كافة.
وعلى المؤمنين أن يطيعوا الله ابتداء، وأن يطيعوا الرسول بما له من صفة الرسالة من الله، فطاعته من طاعة الله الذي أرسله بهذه الشريعة كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء: 59].
فأما أولو الأمر فهم من المؤمنين الذين يطيعون الله ورسوله.
والله عزَّ وجلَّ يجعل طاعته أصلاً، وطاعة رسوله أصلاً كذلك؛ لأنه مرسل منه، ويجعل طاعة أولي الأمر من المؤمنين تبعاً لطاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فطاعتهم

الصفحة 2921