كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 4)

مستمدة من طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، مع الإيمان.
وهي طاعة في حدود المعروف والمشروع من الله، والذي لم يرد نص بتحريمه.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ» متفق عليه (¬1).
والشريعة التي تطاع، والسنة التي تتبع، واحدة لا تتعدد، ولا يتوه فيها الفرد، وذلك فيما ورد فيه نص صريح.
فأما الذي لم يرد فيه نص .. وأما الذي يعرض من المشكلات والأحوال على مدى الزمان ولا يكون فيه نص قاطع .. أو لا يكون فيه نص على الإطلاق .. مما تختلف في تقديره العقول والآراء والأفهام .. فإن الله لم يتركه بلا حل، بل جعل له ميزاناً يوزن به .. وهو يرده إلى الله والرسول.
فيرد الأمر والحال إلى النصوص الشرعية، فإن لم توجد النصوص التي تنطبق عليه، فيرده أولو الأمر إلى المبادئ الكلية العامة في منهج الله وشرعه.
وطاعة الله وطاعة رسوله، وطاعة أولي الأمر من المؤمنين القائمين على شريعة الله، ورد ما يتنازع فيه إلى الله والرسول، هذه وتلك شرط ومقتضى الإيمان بالله واليوم الآخر.
والمؤمنون حقاً لهم أدب مع الله ورسوله، ولهم قول حسن إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ينبئ عن إشراق قلوبهم بالنور كما قال سبحانه: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} [النور: 51].
فهو السمع والطاعة بلا تردد ولا جدال، السمع والطاعة المبنيان على الثقة المطلقة في أن حكم الله ورسوله هو الحكم، وما عداه الظلم والهوى النابعان من التسليم المطلق لله العليم بمصالح خلقه، الرحيم بهم: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ
¬_________
(¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7144) واللفظ له، ومسلم برقم (1839).

الصفحة 2922