كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 4)

الآخرة: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)} [التوبة: 24].
وكلما بعد القلب عن الله كانت الآفات إليه أسرع، والبعد عن الله عزَّ وجلَّ مراتب متفاوتة، فالغفلة تبعد العبد عن الله .. وبعد المعصية أعظم من بعد الغفلة. وبعد البدعة أعظم من بعد المعصية .. وبعد الشرك والنفاق أعظم من ذلك كله، والمعاصي تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف والعزة، وتكسوه أسماء الذل والذم والصغار، وشتان ما بين الأمرين: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)} [السجدة: 18 - 20].
فتسلبه اسم المؤمن والبر والمحسن، والتقي والمطيع والورع، والطيب والصالح والعابد، وتكسوه اسم الفاجر والعاصي، والمفسد والمسيء، والمجرم والخبيث، والكاذب والخائن، والسارق والزاني، والظالم والفاسق ونحو ذلك من أسماء الفسوق.
والطاعات صلة بين العبد وربه، والمعاصي توجب القطيعة بين العبد وربه، وإذا وقعت القطيعة انقطعت عنه أسباب الخير، واتصلت به أسباب الشر كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37)} [الزخرف: 36،37].
والمعاصي والذنوب تمحق بركة العمر، وبركة الرزق، وبركة العلم، وبركة العمل، وبركة الطاعة، بل تمحق بركة الدين والدنيا، وما محقت بركة الأرض إلا بمعاصي الخلق كما قال سبحانه: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} [الروم: 41].

الصفحة 2927