كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 4)

يستعينون تارة بالشهوات على الغفلة، وتارة بالغفلة على الشهوات، يصطادون بني آدم عند الشهوة، وعند الغضب، وعند الغفلة.
ويدعونهم إلى الشهوة من باب الغضب، وإلى الغضب من باب الشهوة، وأبلغ أسلحة الشياطين في بني آدم الغفلة واتباع الهوى، ولذلك حذرنا الله من ذلك بقوله: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} [الكهف: 28].
ومن عقوبات الذنوب:
أنها تنسي الإنسان نفسه، وإذا نسي العبد نفسه أهملها وتركها ففسدت، وإذا نسي العبد ربه نسيه، وأنساه نفسه.
ونسيان الرب للعبد إهماله وتخليه عنه، وإضاعته، وأما إنساؤه نفسه فهو إنساؤه لأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها، وما تكمل به، فلا يخطر بباله إزالتها وإصلاحها.
وينسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامها، فلا يخطر بباله مداواتها، ولا السعي في إزالة عللها وأمراضها التي تؤول به إلى الفساد والهلاك، وكفى بذلك عقوبة، وقد حذرنا الله من ذلك بقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)} [الحشر: 18،19].
وكيف تكون حال الإنسان إذا نسيه ربه؟ ونسي هو ربه؟ ونسي نفسه؟ وأنساه الله نفسه؟.
وإنما يظهر أثر هذا عند الموت، ويزداد ظهوره في القبر، ويبلغ تمامه يوم التغابن.
فالذنوب والمعاصي تنسي العبد حظه من التجارة الرابحة، وتشغله بالتجارة الخاسرة، وتجمع حوله الأشرار، وتنفره من الأتقياء الأبرار.
والمعاصي تزيل النعم الحاضرة، وتقطع النعم الواصلة، فلكل شيء سبب وآفة،

الصفحة 2933