كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 4)

سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)} ... [البينة: 7، 8].
يا حسرة على البشرية كم ضلت وأضلت وشقيت باتباع غير منهج الله؟.
يا حسرة على الإنسانية حين قادها العُمْي والشياطين وأضلوها عن سواء السبيل، وساقوها صراط الجحيم.
فهي كافرة بربها .. راكعة لهواها وشهواتها .. عاصية لخالقها .. مطيعة لعدوها .. تطيع الشيطان .. وتكفر بالرحمن: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} [الحج: 46].
فواعجباً للبصير الذي نَوَّر الله قلبه بالإيمان كيف يهتدي ويقتدي بالعمي الذين لا يبصرون، وأهل الجهل الذين لا يعلمون: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (19)} [الرعد: 19].
فليس الفلاح والنجاة إلا بالحق، واتباع أهل الحق من الرسل والأنبياء وأتباعهم.
والذين لا يستجيبون لهذا الحق هم بشهادة الله سبحانه عمي لا يتفكرون ولا يعقلون، والذين يستجيبون له هم أولو الألباب، وهؤلاء هم الذين تطمئن قلوبهم بذكر الله، وتستجيب لطاعته، وتستلذ بمحبته وعبادته وامتثال أوامره، وتسكن لذلك وتستريح.
وإن الإنسان ليجد مصداق قول الله هذا في كل من يلقاه من الناس معرضاً عن ربه وعن هذا الحق الذي جاء به في صورته الكاملة محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فإن هي إلا جبلات مطموسة .. وقلوب منكوسة .. وكائنات معطلة لا تشعر بعبودية المخلوقات لربها، وتسبيحها بحمده .. ولا تحس بطاعة الوجود كله لربه، وهو يسبح بحمده، وينطق بوحدانيته ويخضع لقدرته وتدبيره وتقديره كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ

الصفحة 3644