كتاب موسوعة فقه القلوب (اسم الجزء: 4)

ونهيه .. ومن ثم يَصِلون ما أمر الله به أن يوصل .. ويخشون ربهم فيخافون أن يقع منهم ما نهى عنه وما يغضبه .. ويخافون سوء الحساب فيجعلون الآخرة في حسابهم في كل خالجة وكل حركة .. ويصبرون على الاستقامة على عهد الله ودينه بكل تكاليف الاستقامة .. ويتصلون بربهم بإقامة الصلاة على الدوام لربهم تعظيماً له وتكبيراً وحمداً وشكراً وسؤالاً واستغفاراً .. وينفقون مما رزقهم الله في سبل مرضاته سراً وعلانية .. ويدفعون السوء والفساد في الأرض بالصلاح والإحسان.
فما أعظم هذه الأصول .. وما أحسن هذه الصفات .. وما أصلح أهلها .. وما أجل ما يقدمونه لربهم من تعظيم وحمد وطاعة .. وما أعظم ما يحسنون به إلى أنفسهم وللبشرية من منافع وخير وصلاح: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18)} [الزمر: 18].
إن حياة الناس في الأرض لا تصلح قطعاً إلا بمثل هذه القيادة المبصرة التي تسير على هدى الله وحده، والتي تصوغ الحياة كلها وفق منهجه وهديه، وتستن بجميع ما جاء به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وتنشأ عن هذه القيادة المبصرة الاستقامة والعزة، والهداية والأمن، والسعادة في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصلت: 30 - 32].
إن الأمم لا تصلح أبداً بالقيادات الضالة العمياء التي لا تعلم أن ما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الحق وحده، والتي تتبع مناهج أخرى غير منهج الله الذي ارتضاه لعباده الصالحين.
إنها لا تصلح بمناهج الشرق أو الغرب، ولا تصلح بأي منهج قومي أو قبلي أو

الصفحة 3647