كتاب العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين

تعالى {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّل الْفُرْقَانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالمِينَ نَذِيراً} (الفرقان:1) وقال تعلى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِليْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (الأعراف:158) وأيده بمعجزات أعظمها القرآن, الذي أخرست أقصر سورة منه كل لسان, فرجع عن معارضتها خاسئاً وحسيراً {قُلْ لئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (الإسراء:88) {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} (النساء:82) {فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً} (النساء:55) {وَإِنَّهُ لذِكْرٌ لكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} (الزخرف:44) .
فلما أعلن فيهم بالكلمة العظيمة الشأن, التي خلقت لها السماوات والأرض والإنس والجان, المتضمنة للتوحيد والإيمان, وإبطال عبادة الأصنام والأوثان, أصروا على الكفر والضلال والطغيان {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيل لهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (الصافات:35-36) {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} (المؤمنون:70) وتمالؤا على الشرك والغي والفساد, ولزموا منهج البغي والعناد, {وَانطَلقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لشَيْءٌ يُرَادُ} (ص:6) {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} (يس:74-75) أعرضوا عن السميع المجيب, الإله القادر القريب, وطلبوا من العاجز الشفاعة والتقريب {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (يونس: من الآية 18) {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ

الصفحة 20