كتاب العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين

فأما وجوب التمسك بالقرآن والاعتصام به وأن مخالفته كفر فهو معلوم من الدين بالضرورة, وقد نطق بذلك القرآن كما ذكرته من قبل هذا.
ومن ذلك قوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِل إِليْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (الأعراف: من الآية 3) .
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} (هود: من الآية 17) .
وقال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} (القلم: من الآية 44) .
وقد قدمت من دلائل الكتاب والسنة صدر هذا الفصل ما فيه كفاية وذكرى لكل ذي عقل.
وقد خرج رزين بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنها ستكون فتن, قال: فما المخرج منها يا جبريل؟ , قال: كتاب الله تعالى (1) .
وقد روى مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا وأني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله, وهو حبل الله الذي من اتبعه كان على الهدى, ومن تركه كان على الضلالة, وعترتي أهل بيتي" الحديث (2) .
وأما وجوب التمسك بسنة نبينا (وان مخالفتها كفر: فمن المعلوم بالضرورة أيضا, والقرآن يصرح بذلك في آيات كثيرة, والأحاديث متواترة.
وقد قدمت في هذا الفصل ما فيه مقنع, لمن أراد أن يتبع سبيله الأرفع.
__________
(1) انظر: جامع الأصول (7/95) ورقمه (6232) وقد ذكره ابن كثير في فضائل القرآن بمعناه عقب حديث الحارث عن عبد الله بن مسعود, وقال: رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "فضائل القرآن" وقال: هذا غريب من هذا الوجه.
(2) رواه مسلم (2408) .

الصفحة 238