كتاب العقد الثمين في شرح أحاديث أصول الدين

وأما ما ورد منها في السنة وكلام السلف فكثير لا يحصى.
ففي الحديث: "من غزا ولم ينو إلا عقالا فله ما نوى" (1) .
وحديث جابر: "يحشر الناس على نيتهم" (2) .
وحديث عمر: "إنما يبعث المقتتلون على النيات" (3) .
واعلم أن إخلاص النية لله تعالى لم يزل شرعا لمن قبلنا ثم لنا من بعدهم. قال تعالى: {شَرَعَ لكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} (الشورى: من الآية 13) . قال أبو العالية: "وصاهم بالإخلاص لله وعبادته وحده لا شريك له".
وقال الفضيل: في قوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} (الملك: من الآية 2) قال: "أخلصه وأصوبه, والخالص إذا كان لله تعالى, والصواب إذا كان على السنة" (4) .
وقوله: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ... " الخ.
أخبر صلى الله عليه وسلم أن هجران بلد الشرك والكفر والانتقال منه إلى الإسلام يختلف باختلاف النيات والمقاصد.
فمن كانت هجرته إلى دار الإسلام حبا لله ورسوله, ورغبة في تعلم
__________
(1) رواه أحمد (5/315,320) , والنسائي ورقمه (3138) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه. وصححه ابن حبان (4638) .
(2) رواه ابن ماجة (4230) , وصححه الحاكم (2/452) .
(3) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الإخلاص والنية", ورواه أيضا أبو يعلى في "المسند الكبير" كما في المجمع (10/332) وفي سنده عمرو بن شمر, كذبه غير واحد, واتهم بالوضع, وساق له الذهبي في الميزان (36/368-369) أحاديث منكرة منها هذا الحديث.
(4) انظر: جامع العلوم والحكم (1/72) .

الصفحة 72