كتاب شرح الأربعين النووية للعثيمين

القسم الأول: أن يكون خيراً.

والقسم الثاني: أن يكون شراً.

والقسم الثالث: لا يدرى أيكون خيراً أم شراً.

أما إذا كان خيراً فالستر محمود ومطلوب.
مثاله: رأيت رجلاً صاحب خلق ودين وهيئة- أي صاحب سمعة حسنة - فرأيته في خطأ وتعلم أن هذا الرجل قد أتى الخطأ قضاءً وقدراً وأنه نادم، فمثل هذا ستره محمود، وستره خير.

الثاني: إذا كان الستر ضرراً: كالرجل وجدته على معصية، أو على عدوان على الناس وإذا سترته لم يزدد إلا شراً وطغياناً، فهنا ستره مذموم ويجب أن يكشف أمره لمن يقوم بتأديبه، إن كانت زوجة فترفع إلى زوجها، وإن كان ولداً فيرفع إلى أبيه، وإن كان مدرساً يرفع إلى مدير المدرسة، وهلم جرا.

المهم: أن مثل هذا لا يستر ويرفع إلى من يؤدبه على أي وجه كان، لأن مثل هذا إذا ستر- نسأل الله السلامة- ذهب يفعل ما فعل ولم يبال.

الثالث: أن لا تعلم هل ستره خير أم كشفه هو الخير: فالأصل أن الستر خير، ولهذا يذكر في الأثر (لأن أخطىء في العفو أحب إليّ من أن أخطىء في العقوبة) (¬1) فعلى هذا نقول: إذا ترددت هل الستر خير أم بيان أمره خير، فالستر أولى، ولكن في هذه الحال تتبع أمره، لا تهمله، لأنه ربما يتبين بعد ذلك أن هذا الرجل ليس أهلاً للستر..
¬_________
(¬1) عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" أخرجه الترمذي - كتاب: الحدود، باب: ما جاء في درء الحدود، (1424) . والحاكم في المستدرك - ج4، ص426، كتاب: الحدود، (8163) . والدارقطني في سننه - ج3/ص84، (8) .، والبيهقي في سننه الكبرى - ج8، ص238، (16834) . ورويت العبارة عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، ولم أجدها عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

الصفحة 361