كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين

ووجدا من شدة الشوق إليه قال ولقد بلغني أن أخوين تعانقا فقال أحدهما واشوقاه وقال الآخر وواجداه وكانت عجوز لها غائب فقدم من السفر فأظهر أهلها الفرح والسرور به فجعلت تبكي فقيل لها ما هذا البكاء فقالت ذكرني قدوم هذا الفتى يوم القدوم على الله
وقال بعض المحبين قلوب المشتاقين منورة بنور الله فإذا تحرك اشتياقهم أضاء النور ما بين السماء والأرض فيعرضهم الله سبحانه وتعالى على الملائكة فيقول هؤلاء المشتاقون إلي أشهدكم أني إليهم أشوق
فصل قال ابن أبي الحواري رحمه الله تعالى سئل أبو سليمان الداراني رحمه الله وأنا حاضر ما أقرب ما يتقرب به إلى الله عز وجل فبكى ثم قال مثلي يسأل عن هذا أقرب ما يتقرب به إليه أن يطلع على قلبك وأنت لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو وقال يحيى بن معاذ النسك هو العناية بالسرائر وإخراج ما سوى الله من القلب وقال سهل بن عبد الله ما من ساعة إلا والله سبحانه يطلع فيها على قلوب العباد فأي قلب رأى فيه غيره سلط عليه إبليس وقال سهل بن عبد الله من نظر إلى الله عز وجل قريبا منه بعد عن قلبه كل شيء سوى الله ومن طلب مرضاته أرضاه الله سبحانه وتعالى ومن أحلم قلبه إلى الله تولى الله جوارحه وقال سهل أيضا حرام على قلب أن يشم رائحة اليقين وفيه سكون إلى غير الله وحرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكره الله وسئل يعضهم عن افضل الأعمال فقال رعاية السر عن الالتفات إلى شيء

الصفحة 439