كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين

له فقال له لو بعثت إليها بعض أهلك فوعظتها وزجرتها رجوت أن تكف عنك فأمسك وأرسلت إليه إما أن تزورني وإما أن أزورك فأبى فلما يئست منه ذهبت إلى امرأة كانت تعمل السحر فجعلت لها الرغائب في تهييجه فعملت لها في ذلك فبينا هو ذات ليلة مع أبيه إذ خطر ذكرها بقلبه وهاج منه أمر لم يكن يعرفه واختلط فقام مسرعا فصلى واستعاذ والأمر يشتد فقال يا أبه أدركني بقيد فقال يا بني ما قصتك فحدثه بالقصة فقام وقيده وأدخله بيتا فجعل يضطرب ويخور كما يخور الثور ثم هدأ فإذا هو ميت والدم يسيل من منخره
فصل وهذا ليس بعجيب من الرجال ولكنه من النساء أعجب قال أبو إدريس الأودي كان رجلان في بني إسرائيل عابدان وكانت جارية جميلة فأحباها وكتم كل منهما صاحبه واختبأ كل منهما خلف شجرة ينظر إليها فبصر كل منهما سره إلى صاحبه فاتفقا على أن يراوداها فلما قربت منهما قالا لها قد عرفت منزلتنا في بني إسرائيل وإنك إن لم تؤاتينا وإلا قلنا إذا أصبحنا إنا أصبنا معك رجلا وإنه أفلتنا وإنا أخذناك فقالت ما كنت لأطيعكما في معصية الله فأخذاها وقالا إنا أصبنا معها رجلا فأفلتنا وأقبل نبي من أنبيائهم فوضعوا له كرسيا فجلس عليه وقال أقضي بينكم فقالا نعم اقض بيننا ففرق بين الرجلين وقال لأحدهما خلف أي شجرة رأيتها قال شجرة كذا

الصفحة 464