كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين

المروءة ومخالفته تنعشها
التاسع والعشرون أنه ما من يوم إلا والهوى والعقل يعتلجان في صاحبه فأيها قوي على صاحبه طرده وتحكم وكان الحكم له قال أبو الدرداء إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله فإن كان عمله تبعا لهواه فيومه يوم سوء وإن كان هواه تبعا لعمله فيومه يوم صالح
الثلاثون أن الله سبحانه وتعالى جعل الخطأ واتباع الهوى قرينين وجعل الصواب ومخالفة الهوى قرينين كما قال بعض السلف إذا أشكل عليك أمران لا تدري أيها أرشد فخالف أقربهما من هواك فإن أقرب ما يكون الخطأ في متابعة الهوى
الحادي والثلاثون أن الهوى داء ودواؤه مخالفته قال بعض العارفين إن شئت أخبرتك بدائك وإن شئت أخبرتك بدوائك داؤك هواك ودواؤك ترك هواك ومخالفته
وقال بشر الحافي رحمه الله تعالى البلاء كله في هواك والشفاء كله في مخالفتك إياه
الثاني والثلاثون أن جهاد الهوى إن لم يكن أعظم من جهاد الكفار فليس بدونه قال رجل للحسن البصري رحمه الله تعالى يا أبا سعيد أي الجهاد أفضل قال جهادك هواك وسمعت شيخنا يقول جهاد النفس والهوى أصل جهاد الكفار والمنافقين فإنه لا يقدر على جهادهم حتى يجاهد نفسه وهواه أولا حتى يخرج إليهم

الصفحة 478