كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين

الثالث والثلاثون أن الهوى تخليط ومخالفته حمية ويخاف على من أفرط في التخليط وجانب الحمية أن يصرعه داؤه قال عبد الملك بن قريب مررت بأعرابي به رمد شديد ودموعه تسيل على خديه فقلت ألا تمسح عينيك قال نهاني الطبيب عن ذلك ولا خير فيمن إذا زجر لا ينزجر وإذا أمر لا يأتمر فقلت ألا تشتهي شيئا فقال بلى ولكني أحتمي إن أهل النار غلبت شهوتهم حميتهم فهلكوا
الرابع والثلاثون أن اتباع الهوى يغلق عن العبد أبواب التوفيق ويفتح عليه أبواب الخذلان فتراه يلهج بأن الله لو وفق لكان كذا وكذا وقد سد على نفسه طرق التوفيق باتباعه هواه قال الفضيل ابن عياض من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق
وقال بعض العلماء الكفر في أربعة أشياء في الغضب والشهوة والرغبة والرهبة ثم قال رأيت منهن اثنتين رجلا غضب فقتل أمه ورجلا عشق فتنصر وكان بعض السلف يطوف بالبيت فنظر إلى امرأة جميلة فمشى إلى جانبها ثم قال
أهوى هوى الدين واللذات تعجبني ... فكيف لي بهوى اللذات والدين
فقالت دع أحدهما تنل الآخر

الصفحة 479