كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين

الخامس والثلاثون أن من نصر هواه فسد عليه عقله ورأيه لأنه قد خان الله في عقله فأفسده عليه وهذا شأنه سبحانه وتعالى في كل من خانه في أمر من الأمور فإنه يفسده عليه
وقال المعتصم يوما لبعض أصحابه يا فلان إذا نصر الهوى ذهب الرأي وسمعت رجلا يقول لشيخنا إذا خان الرجل في نقد الدراهم سلبه الله معرفة النقد أو قال نسيه فقال الشيخ هكذا من خان الله تعالى ورسوله في مسائل العلم
السادس والثلاثون أن من فسح لنفسه في اتباع الهوى ضيق عليها في قبره ويوم معاده ومن ضيق عليها بمخالفة الهوى وسع عليها في قبره ومعاده وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله تعالى {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} فلما كان في الصبر الذي هو حبس النفس عن الهوى خشونة وتضييق جازاهم على ذلك نعومة الحرير وسعة الجنة وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى في هذه الآية جزاهم بما صبروا عن الشهوات
السابع والثلاثون أن اتباع الهوى يصرع العبد عن النهوض يوم القيامة عن السعي مع الناجين كما صرع قلبه في الدنيا عن مرافقتهم قال محمد بن أبي الورد إن لله عز وجل يوما لا ينجو من شره منقاد لهواه وإن أبطأ الصرعى نهضة يوم القيامة صريع شهوته وإن العقول لما جرت في ميادين الطلب كان أوفرها حظا من يطالبها بقدر ما صحبه من الصبر والعقل معدن والفكر معول
الثامن والثلاثون أن اتباع الهوى يحل العزائم ويوهنها ومخالفته تشدها

الصفحة 480