كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين

وتقويها والعزائم هي مركب العبد الذي يسيره إلى الله والدار الآخرة فمتى تعطل المركوب أوشك أن ينقطع المسافر قيل ليحيى بن معاذ من أصح الناس عزما قال الغالب لهواه ودخل خلف بن خليفة على سليمان بن حبيب بن المهلب وعنده جارية يقال لها البدر من أحسن الناس وجها فقال له سليمان كيف ترى هذه الجارية فقال أصلح الله الأمير ما رأت عيناي أحسن منها قط فقال له خذ بيدها فقال ما كنت لأفجع الأمير بها وقد رأيت شدة عجبه بها فقال ويحك خذها على شدة عجبي بها ليعلم هواي أني له غالب وأخذ بيدها وخرج وهو يقول
لقد حباني وأعطاني وفضلني ... عن غير مسألة منه سليمان
أعطاني البدر خودا في محاسنها ... والبدر لم يعطه إنس ولا جان
ولست يوما بناس فضله أبدا ... حتى يغيبني لحد وأكفان
التاسع والثلاثون أن مثل راكب الهوى كمثل راكب فرس حديد صعب جموح لا لجام له فيوشك أن يصرعه فرسه في خلال جريه به أو يسير به إلى مهلك قال بعض العارفين أسرع المطايا إلى الجنة الزهد في الدنيا وأسرع المطايا إلى النار حب الشهوات ومن استوى على متن هواه أسرع به إلى وادي الهلكات وقال آخر أشرف العلماء من هرب بدينه من الدنيا واستصعب قياده على الهوى وقال عطاء من غلب هواه عقله وجزعه صبره افتضح
الأربعون أن التوحيد واتباع الهوى متضادان فإن الهوى صنم ولكل عبد صنم في قلبه بحسب هواه وإنما بعث الله رسله بكسر الأصنام وعبادته وحده لا شريك له وليس مراد الله سبحانه كسر الأصنام المجسدة وترك

الصفحة 481