كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين

وقيل للمهلب بن أبي صفرة بم نلت ما نلت قال بطاعة الحزم وعصيان الهوى فهذا في بداية الدنيا ونهايتها وأما الآخرة فقد جعل الله سبحانه الجنة نهاية من خالف هواه والنار نهاية من اتبع هواه
السابع والأربعون أن الهوى رق في القلب وغل في العنق وقيد في الرجل ومتابعه أسير لكل سيء الملكة فمن خالفه عتق من رقه وصار حرا وخلع الغل من عنقه والقيد من رجله وصار بمنزلة رجل سالم لرجل بعد أن كان رجلا فيه شركاء متشاكسون
رب مستور سبته شهوة ... فتعرى ستره فانهتكا
صاحب الشهوة عبد فإذا ... غلب الشهوة أضحى ملكا
وقال ابن المبارك
ومن البلاء وللبلاء علامة ... أن لا يرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها ... والحر يشبع تارة ويجوع
الثامن والأربعون أن مخالفة الهوى تقيم العبد في مقام من لو أقسم على الله لأبره فيقضي له من الحوائج أضعاف أضعاف ما فاته من هواه فهو كمن رغب عن بعرة فأعطي عوضها درة ومتبع الهوى يفوته من مصالحه العاجلة والآجلة والعيش الهنيء مالا نسبة لما ظفر به من هواه البتة فتأمل انبساط يد يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام ولسانه وقدمه ونفسه بعد خروجه من السجن لما قبض نفسه عن الحرام
وقال عبد الرحمن بن مهدي رأيت سفيان الثوري رحمه الله تعالى في المنام فقلت له ما فعل الله بك قال لم يكن إلا أن وضعت في لحدي حتى وقفت

الصفحة 484