كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

وأخيرًا يَنْبغي أَنْ أُشير إِلى أنّ الكتابَ لَمْ يجرِ على وتيرةٍ واحدةٍ من الاتِّصال، بل التَّمازجُ هو السَّمةُ الغَالبةُ والطَّابع العامُّ. وهناك مواضعُ متفَرِّقةٌ في الكتاب يبدو فيها الانْفصال واضِحًا حيثُ يعمدُ الشَّارحُ إِلى إيرادِ جملةٍ من المُخْتصر ويعقبها بكلامٍ مُسْتأنفٍ يشرحُها. وكَثُر هذا المَسْلَك عند شرحِ المُفْردات الغَريبة والتَّعليق على الجملِ البليغة؛ الأمر الَّذي يحتِّمُ عليه قطعَ اتِّصال المعلومة ليَشْرعَ فِيما هو أهمّ -وهو إِيضَاحُها-. ومن ذلك قولُه في أَوَّل الكتاب (¬1):
"الحمدُ لله الذي خلقَ الإِنْسانَ. الحَمدُ: الثَّناءُ على الجَميل عَلى جهةِ التَّعظيمِ، وهو باللِّسانِ وحده. والشُّكر ... أَلْهمه المَعَاني وعلَّمه البَيانَ؛ فيه من حسنِ المَطْلعِ وبراعة الاسْتهلالِ ما لا يَخْفى. والصَّلاةُ عَلَى نبيِّه محمَّدٍ ... ".
3 - حرصَ الكرمانيُّ على إيضاحِ عباراتِ المُخْتصرِ الغَامضةِ وشَرْحِ مفرداتِه الغَريبة، وكَثُر تعرّضُه للغريب في مقدِّمةِ الكتابِ، وعُقَيب الشَّواهد الشِّعريَّة.
4 - اعْتنَى الكِرمانِيُّ بتوثيقِ الأَقْوالِ، ونسْبتها إِلى قَائِليها في الغَالب. وهو إِنْ لَمْ يجمعْ بين الكتاب وصَاحِبِه فإِنَّه يَذكرُ أَحدَهما.
فمثالُ ما جمعَ فيه بَيْن الكتاب وصاحبِه قولُه (¬2): "قَال الشَّيخُ في دلائلِ الإِعْجاز ... "، وقولُه (¬3): "وقال الزَّمخشريُّ في الكشّاف ... ".
¬__________
(¬1) ص: (207 - 209) قسم التّحقيق.
(¬2) ص: (231) قسم التّحقيق.
(¬3) ص: (692) قسم التّحقيق.

الصفحة 112