كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

فأنت تلحظ كيف أدّى انصرافُ الشَّارحِ عن المعنى المراد، بما لا يستدعيه المقام إلى توزّع البيت الشّعري -جملًا ومفردات- هنا وهناك حتَّى كدت تنسى أنَّه يعرض بيتًا شعريًّا، وكان الأولى به أن يعرض البيت مجرّدًا، ليسارع إلى اقتناص المعنى المراد، ثم لا يعيبه -إن كان لا بدّ شارحًا- أن يؤخّر شرح المفردات عقب تمام المعنى كما هي عادته في أغلب المواضع المشابهة (¬1).
ومن الثّاني: ما ترتّب على تدخّله من إيهام معنى لم يقصد إليه المصنّف في قوله (¬2): "وإمّا للتَّباين؛ أي الفصل إمّا للاتِّحاد وإمّا للتَّباين ... فتارة ... لاختلافهما ... خبرًا وطلبًا ... كقوله: ... إلا أن تضمّن إحداهما ... معنى الأخرى نحو قوله ... وقوله: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} بعد قوله: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} ... وعُدَّ عطفًا على {فَاتَّقُوا} ... والأظهر؛ أي عند السَّكاكيّ أنَّه على (قل) ".
فظاهر قول المصنّف: "والأَظهر" أنَّه يؤيّد هذا الرّأي، بينما ظاهر قول الشّارح بعده: "أي: عند السَّكاكيّ" اختصاص الرّأي بالسَّكاكيّ دون المصنّف أَوْ الشّارح، وليس الأمر كذلك، إذ لم يورد الشّارح عنه أَوْ عن شيخه رأيًا آخر، بل كشف السّياق فيما بعد موافقة المصنّف للسّكّاكيّ.
¬__________
(¬1) ينظر -على سبيل المثال- ص (352 - 353) وص (651 - 652) من قسم التحقيق.
(¬2) ص (538 - 541) قسم التحقيق.

الصفحة 170