كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} (¬1) يجوزُ أن يُرادَ: خلقَ كُلَّ فردٍ من أفراد الدَّوابِ من فردٍ من الماءِ؛ وهو النُّطفةُ المعيَّنة الَّتي يكونُ ذلك الفردُ منها، وأن يُرادَ: خَلقَ كلَّ نوعٍ من أنواعِ الدَّوابِ من نوعٍ من أنواعِ المياهِ، وهو نُطفةُ ذلك النَّوع.
الثَّاني: ألَّا يُعرف منه (¬2) إلا ذلك القدرُ حقيقةً أَوْ ادِّعاءً، فلا بُدَّ (¬3) حينئذٍ من التَّنكيرِ لعدمِ القدرة على التَّعريف؛ وعليه حُمل قوله -تعالى-: {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} (¬4)، ولَمَّا (¬5) كان عند المُصَنِّف" (¬6) وجهٌ أنسبَ منه لسياقِ الآية - قال: "وعليه حُمل"، والمرادُ به: صاحبُ "المفتاح" (¬7)، ولَمْ يقلْ: "وعليه وَرَد"، أَوْ: "عليه قوله".
¬__________
(¬1) سورة النور: من الآية 45. والمنكَّر المحتمل كلٌّ من: {دَابَّةٍ}، و {مَاءً}.
(¬2) الضَّمير في "مِنْه" لمدلول الْمُنكَّر المفهوم من السِّياق. والمراد: أن لا يعرف المتكلِّمُ أو المخاطبُ أو كلاهما إلَّا ذلك القدر المحدود في إطار التَّنكير.
(¬3) في ب: "ولا بدَّ".
(¬4) سورة سبأ؛ من الآية: 7.
(¬5) في أ: "ولكن لَمَّا".
(¬6) في أزيادة: "رحمه الله".
(¬7) إذا قال (192): "وعليه ما يحكيه جلّ وعلا عن الكُفار في حقِّ النَّبيّ عليه السَّلام: {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} كأن لم يكونوا يعرفون منه إلَّا أنَّه رجل ما، وباب التّجاهل في البلاغة والي سحرها.

الصفحة 362