والوجهُ فيه: أَنَّهم (¬1) نكَّرُوه لاعتقادهم أنَّه لا يجوزُ أن يكونَ شخصٌ هكذا موجودًا؛ يقول: كذا وكذا، ويدَّعي: كذا وكذا، واستبعدوه، بلْ أحالوه، فكأنَّه (¬2) للتَّعجُّب وبيانِ الاستحالةِ لذلك الخبرِ الَّذي يدَّعيه؛ أي: هل ندلُّكم (¬3) على رجلٍ عجيبٍ، يقول كلامًا عجيبًا، مُتَّصفٍ بصفةٍ غريبةٍ، يَدَّعي أمرًا غريبًا. ولو قال مقام: "على رجل": "على محمَّدٍ"؛ لم يكن مُفيدًا لذلك.
الثَّالثُ: أن لا يُمْكن تعريفُ السَّامع، كأن لا يعرف منه (¬4) إلَّا ذلك القدْرَ الغير المُعَيَّن (¬5).
الرّابعُ: المانعُ من التَّعيين (¬6)، أي: التَّنكيرُ يكون لمانعٍ يَمْنع منُ التَّعيين والتَّعريف، كالإخفاءِ عن الحَضْرة.
الخامسُ: إيهامُ بلوغه، حيثُ لا يكتنهُ كُنْهه (¬7)؛ أي: لا يدخل
¬__________
(¬1) أي: الّذين كفروا، الوارد خبرهم في الآية الكريمة المتقدّمة.
(¬2) في أ، ب: "وكأنَّه".
(¬3) في ب: "أدلّكم".
(¬4) في أ: "كأنّه لا يقدر أن يعرف منه" والمعنى واحد.
(¬5) ومثّل له صاحب المفتاح: (193) يقول القائل: "عندي رجل" إذا لم يعرفه المخاطبُ بجهةٍ من جهاتِ التَّعريف.
(¬6) هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ: "لمانع من التَّعريف".
(¬7) كلمة: "كُنهة" وردت ضمن كلام المصنِّف في: أ، وليست في ف.
وكنه الشَّيء: قدرُه ونهايتُه وغايتُه. اللِّسان: (كنه): (13/ 536).