كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

والشِّكاية. تُغَالبُه؛ أَي: وأنت (¬1) تغالبُ ذلك الدَّاعيَ ولا تَلْتفتُ إِليه حتَّى يغلبكَ، ويحملكَ -من حيثُ لا تدري- على أن تُشافِهَ ذلكَ الغير بالسُّوءِ والتَّسفيه؛ فَتَلْتفت من الغَيْبةِ إلى الخطابِ. وكذا فيما تشكرُ حاضِرًا ذا نعمٍ عليكَ كثيرة إلى غيره، فإذا أخذتَ في تَعْداد (¬2) نعَمِه العِظَام؛ أحسستَ من نفسك كأنَّها تطالبُكَ بالإقبالِ على مُنْعمك، ولا تزال تزايد -ما دُمت في تعدادها-؛ حتَّى تغلِبَكَ؛ فتلْتَفتَ إليه مُثْنيًا عليه، داعيًا له، شاكرًا لصنايعه وعوارفه.
أَوْ تذْكُر له؛ أي: للغير؛ عطفٌ على "تشكر"؛ يريدُ أن يُشيرَ إلى لطفِ الفائدة الخاصَّةِ في موقعِ الالتفاتِ الَّتي في الفاتحة، صفات جلالٍ بحضورِ قلبٍ يزدادُ, حتَّى كأنَّكَ ماثلٌ بين يديه؛ فَتَقُول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (¬3) يا من هذه صِفَاتُه؛ وهذا ظاهرٌ، لكن ننقلُ كلامَ السَّكَّاكيِّ [فيه] (¬4)؛ لأنَّ فيه بسطًا؛ قال (¬5): "من حقِّ العبدِ إذا أخذَ في القراءةِ أَنْ يكونَ افتتاحُهُ التَّحميدَ عن (¬6) قلبٍ حاضرٍ ونفسٍ ذاكرةٍ تعقلُ فِيمَ هو،
¬__________
(¬1) "وأنت" ساقطة من أ.
(¬2) عبارة: "ذا نعم ... في تعداد" ساقطةٌ من ب.
(¬3) سورة الفاتحة؛ من الآية: 4.
(¬4) ما بين المعقوفتين غير موجود في الأصل، ومثبت من: أ، ب.
(¬5) المفتاح: (202 - 203) بتصرّف يسير في أوّله.
(¬6) هكذا -أيضًا- في مصدر القول. وفي أ: "من".

الصفحة 400