والثَّاني: في البيتِ الثَّاني؛ من الخطابِ إلى الغيبةِ، إذ القياس: "بِتَّ وباتَتْ لكَ" بالخطابِ.
والثَّالثُ: في الثَّالثِ، من الغيبةِ إلى التَّكلُّمِ؛ إذ كان القياسُ: "جاءَه".
وأما "خُبِّرته" فهوَ على طريقة "جاءني"، ولا التفات (¬1) فِيه.
والزَّمخشريُّ -أيضًا- قَال: إِنَّ فيه ثلاثَ التفاتاتٍ في ثلاث أَبياتٍ (¬2)؛ ومنه يظهر ضعفُ قولِ صاحبِ "الإيضاح" (¬3) من وجهين، لأنَّ الزّمخشريَّ لَمَّا قال (¬4): "في ثلاث أبياتٍ" عُلِمَ أنَّ في كُلِّ بيتٍ التفاتًا، فكيفَ يصحُّ أن يقول: لا التفات عند الجمهوو بالنَّقل التَّقديريِّ، ثم يقول (¬5): "فتعيَّنَ أن يكون عنده في الثَّالث التفاتان؟! "؛ ولعلَّهُ ذَهلَ عن قوله (¬6): "في ثلاثة أبيات".
¬__________
(¬1) في ب: "والالتفات"، وهو خطأٌ ظاهرٌ.
(¬2) ينظر: الكشّاف: (1/ 56).
(¬3) تقدّم قوله الَّذي نسبه للجمهور ص: (404) وفي قول الكرمانيّ: "ومنه يظهر. . ." ردٌّ على الخطيب في ادّعائه أنّ الالتفات عند الجمهور بالنّقل التّحقيقيّ فقط.
(¬4) الكشّاف: (1/ 56).
(¬5) أي: صاحب الإيضاح: (2/ 90).
واستوقف توجيهه هذا الشّيخ عبد المتعال الصّعيديّ؛ فعلّق عليه قائلًا (بغية الإيضاح: 117): "قد ذكروا أن مذهبَ السَّكَّاكيِّ في الالتفات هو مذهب الزّمخشريّ؛ فلا معنى لتكلّف تحقيق الالتفات الّذي ذكره في البيتين على مذهب الجمهور لأنّ مذهبه يخالف مذهبهم".
(¬6) أي: قول الزّمخشريّ المتقدّم.