كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

الرَّابعُ: طلبُ إثبات الحبرِ لا نفْسِه، نحو: (الخطيبُ يشربُ ويطْرَبُ) في جوارب: كيفَ الخطيبُ؟؛ أي هو مُتَّسِمٌ به، أي: يكونُ المطلوبُ إثباتَ الخبر للمسند إليه، واتِّصافَه واتِّسامَه بذلكَ الخبرِ، كما يقال: (الخطيبُ يَشربُ)، أي: الشُّربُ ثابتٌ له؛ بمعنى: أنَّه من شأنه وصفته وحالٍ من أحواله، وإن لمْ يكن شاربًا في حالِ الإخبار (¬1)؛ بخلافِ: (يشربُ الخطيبُ)، فإن المطلوبَ فيه نفسُ الإخبار بحصولِ الفعلِ وصدوره منه (¬2) لا كونه صفةً وحالًا له (¬3)؛ ولهذا يلزمُ أن يكونَ فيه شَاربًا في الحالِ (¬4).
والأَوَّل: يُستعملُ في موضع يكون المقصودُ بيانَ حال الخطيبِ وكيفيَّة شأنه بصدقِ ذلك الوصفِ عليه واتِّسامه به، لا كونه شاربًا في الحالِ، ولهذا يُقال في جوابِ: (كيفَ الخطيبُ؟).
والثَّاني: يُستعمل في موضع يكونُ المقصودُ إخبارَ السَّامع بذلكَ الفعل لا بَيَانَ حاله وصفتِه، ولهذا يُقالُ في جواب: (ما يفعلُ الخطبُ؟).
وهذَا قريبٌ ممَّا قال متأخِّرو المنطقيِّين، كأُسْتَاذِنا في بحثِ جهةِ السّور وجهةِ الحمل: إنَّ الجهةَ قد تكونُ -أيضًا- للصِّدق، كما يُقال
¬__________
= ذكر الآخر". فتح القدير: (3/ 185).
(¬1) في الأصل: "وإن لم يكن حال شأن باقي الأخبار"، والصَّواب من: أ، ب.
(¬2) في أ: "عنه".
(¬3) "له" ساقطة من ب.
(¬4) في الأصل: "شأن باقي الأحوال" ولا يستقيم به المعنى. والصَّواب من أ، ب. ويصدّقه السِّياق بعدَه.

الصفحة 419