كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

أيّوب للدِّفاع عن سَلْطَنته- فرصةً سانحةً للانْقضاضِ عَلى دَولةِ بني أيُّوب إِثر الخلافِ الشَّديدِ الَّذي دبَّ بين ملوكِها في آخر سنيِها. وسرعان ما غدا لأولئك المَمَاليك كلمة مَسْموعة -في مصر- بعدَ قَتْل تُوران شاه (¬1) سنة (648 هـ) وتسلُّم شَجرةِ الدُّرِّ (¬2) مقاليدَ الحُكم من بَعْده؛ تلك المرأة الَّتي اعتبرها المقريزيُّ (¬3): "أوَّل من مَلَكَ مصر من مُلوك التُّرك المَمَاليك".
ولَمْ يَلْبَث نُفُوذُهم في ازْديادٍ وشوكَتُهم في قُوَّةٍ حتَّى تَمَّ لهم الاسْتيلاءُ عَلى الشَّام ومزاحمةُ التَّتار في أَطراف العِراق؛ مُعْتمدين في ذلك عَلَى سِياسَةِ حكيمةٍ، تقومُ عَلى مُوادعةِ النَّاسِ والتَّودُّدِ إليهم ابْتداءً، ثمَّ أَخْذهم بالحزْمَ والصَّرامةِ بعدَ ذلك.
¬__________
= ينظر في ترجمته: سيرُ أَعلامِ النُّبلاء: (23/ 187 - 193)، والنُّجوم الزَّاهرة؛ لابن تغرى برْدى: (6/ 319).
(¬1) هو / غياثُ الدِّين؛ تُوران شَاه بن الملك الصَّالح: آل إليه الملك بعد وفاةِ أَبيه، ولَمْ يدم فيه طَويلًا، وقُتل على أَيْدى المماليك البَحريَّة.
يُنظر في ترجمته: ذيلُ الروضتين؛ لأبي شامة المقدسيّ: (185)، وسيرُ أَعلامِ النُّبلاء: (23/ 193 - 196).
(¬2) هي شجرةُ الدُّر بنتُ عبد الله: كانت جاريةً تحت الملك الصَّالح فأَعْتقها وتَزَوَّجها، وأَنْجب مِنها. ولَّاها المماليكُ السُّلطةَ بعد وفاةِ تُوران شَاه بن الملك الصَّالح، ولَمْ تَدُمْ فيها أَكْثر مِن ثَمانين يومًا حيثُ قتلت سنة (648 هـ) بعد قتلِها زوجَها المملوكيّ الَّذي خلعَتْ عليه الحُكم.
ينظر في ترجمتها: الخطط؛ للمقريزيّ: (3/ 90 - 92)، والنُّجوم الزَّاهرة: (6/ 373 - 379)، وأعلام النِّساء؛ لعمر كحالة: (2/ 286).
(¬3) السّلوك؛ للمقريزيّ: (1/ 361).

الصفحة 42