كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

في مقامِ الجزمِ يكونُ لنكتة، وهي إمّا:
لجهلِ المخاطبِ به (¬1) وعدم جزمه [به] (¬2)؛ كما تقولُ لمن يكذِّبُك فيما أنت تُخْبره: (إن صدقتُ فقل لي ماذا تَعمل؟) (¬3).
أو تجهيلِه، أي: تَنْزيلِ المخاطبِ العالمِ ممنزلةَ الجاهلِ؛ لعدم جريِه على مُوجبِ العلم؛ كما تقولُ لابنٍ لا يُراعي حقّ أبيهِ: (إنْ كانَ أباكَ فلا تؤذه)؛ فإنَّ الابنَ لَمّا لم يراعِ حقَّ أبيهِ فكأنّه جاهلٌ به.
أَو للتَّجاهلِ (¬4)، كتجاهلِ الغُلامِ في جواب من يَسْألُه (¬5) عن سيّده: أهو في الدّار؟؛ وهو يعلمُ أنّه فيها: (إذْ كان فيها أخبره بأنك على الباب) (¬6).
فيُغلِّب المسْتقبلُ لفظًا إلا لنكتةٍ، أي: لعدمِ الجزمِ بتحقُّقِ الجزاءِ؛ الّذي عُلِّق بالشَّرط، الَّذي عُدم الجزم -أيضًا- فيه (¬7) يُغلّب
¬__________
(¬1) أي: بوقوع الشَّرط ولا وقوعه.
(¬2) ما بين المعقوفين غير موجود في الأصل، ومثبت من: أ، ب.
(¬3) وعليه؛ فإنّ المتكلّم لا يبنى كلامه على اعتقاده الَّذي يجزم به، وإنّما على اعتقاد المخاطب.
(¬4) في أ: "التَّجاهل". والمرادُ به: إظهار المتكلّم الجهل بالشَّيء مع أنّه عالم به لاستدعاء المقام إيّاه.
(¬5) في أ: "يسال".
(¬6) وبهذا سَتر على سيّده فلم يكشف عنه بقوله: "نعم"، ونجا من الكذب فلم يقع فيه بقوله: "لا".
(¬7) في الأصل: "فيه- أيضًا". والمثبت من: أ، ب. وهو الأَولى.

الصفحة 450