كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

وأمّا المنقولُ من الرّبعيِّ فهو من باب إيهامِ العكسِ؛ فإنّه لَمَّا رأى أنَّ القصر تأكيدٌ على تأكيدٍ - ظنَّ أنَّ كلَّ ما كان تأكيدًا على تأكيدٍ كان قصرًا، و-أيضًا-: يلزم كون مثل: (والله إن زيدًا لقائم) فصْرًا؛ لأنَّه تأكيدٌ على تأكيد؛ و-أيضًا-؛ يلزم تخصِيص كونه للحَصْر بما وقعَ في جوابِ المتردّد (¬1)، لكنّه للحصر في جميع المواضع؛ فهو ممّن خَطّأَ فأخطأ؛ ومع إمكان أن يُحْملَ على محملٍ صحيحٍ (¬2) لا حاجة إلى مثل هذا التَّشنيع على مثلِ الإمامِ؛ ذلكَ الرَّجلِ الفاضلِ، والفحلِ البازلِ (¬3). نعم، يردُ عليهِ في بيانِ وجه المناسبة: إن (¬4) قولك: "ما" لنفي غير المذكور؛ كنفي غيرِ قيامِ زيدٍ في قولك: (إنّما زيدٌ قائمٌ) عمّ يتعيّن؟! لِمَ لا يجوزُ أن يكون لنفيِ قيامِ غير زيدٍ؟!
الرّابعُ: التَّقديم (¬5)؛ نحو: (أنا كفيتُ مهمّك
¬__________
= عنه مباشرة.
(¬1) لأنَّه بهذا التّصوّر -تصوّر الرّبعيّ- إنّما يصدق في جواب المترّدد؛ كما سبق أن أوضحه بقوله: "لأنّك إذا قلت لمخاطب يردّد المجيء الواقع بين زيد وعمرو: (زيد جاء لا عمرو) يكون من قولك: (زيد جاء) إثباتا للمجيء لزيد صريحًا.
وقولك: (لا عمرو) إثباتًا للمجيء لزيدو ضمنًا مؤكَّدًا لما علم صريحًا".
(¬2) كالّذي حمل عليه الأستاذ - نصرةً للإمام -.
(¬3) في أ، ورد تمام العبارة هكذا: "التّشنيع على الأئمّة الأفاضل، والفحول البَوازل".
(¬4) في ب: "لأنّ"، وهو تحريف بالزِّيادة.
(¬5) أي: تقديم ما حقّه التّأخير.

الصفحة 503