كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

"لا" العاطِفة؛ تقولُ: (ما جاءني غيرُ زيدٍ)؛ إمَّا إفرادًا (¬1)، أو قلبًا (¬2)، ولا تقول: (ما جاءني غيرُ زيدٍ لا عمرو) ".
بخلاف (إِنَّما)؛ فإنّها تجتمع (¬3) مع الأوّل؛ وإن كان -لكونِه (¬4) في معنى الثَّاني- مُقْتَضيًا أن لا تجتمع معه؛ لأنَّ النَّفي فيها ضمنيٌّ لا صَريحٌ (¬5)؛ كما يجوزُ أن يقال: (امتنعَ عن المجيء زيدٌ لا عمرو) مع عدم جوازِ أن يقال: (ما جاء زيدٌ لا عمرو)؛ لأنّ النَّفي فيه -أيضًا- ضمنيٌّ.
وأمّا جوازُ اجتماع التَّقديمِ مع الأوّلِ فظاهرٌ.
وهذا إذا لَمْ يكن المذكورُ بعده مُخْتصًا؛ أي: جواز اجتماع (إنّما) مع الأوَّلِ إذا لم يكن الوصفُ المذكورُ بعد (إنّما) ممّا له في نفسه اختصاصٌ بالموصوف المذكور (¬6)؛ كقوله -تعالى-: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} (¬7)؛ فإنَّ كلَّ عاقلٍ يعلمُ أنَّ الاستجابةَ
¬__________
(¬1) لمن يقول: جاء زيد مع جاءٍ آخر. المفتاح: (300).
(¬2) لمن يقول: ما جاء زيد وإنّما جاء مكانه إنسان آخر. المصدر السّابق (300).
(¬3) في الأَصل: "تجامع"، والمثبت من أ، ب؛ لأنّ كلمة (تجامع) تتعدّى بنفسها.
(¬4) في أ: "كونه".
(¬5) فتقول: "إنما أنا تميميّ لا قيسيّ".
(¬6) لأنّ الاختصاصَ يَدفعُ تصوّر الشّركة؛ فلا حاجة في نفيها؛ لعدم تصوّرها أصلًا.
(¬7) سورة الأنعام؛ من الآية: 36.

الصفحة 509