مع الخصمِ للتَّبْكيت (¬1) في المَعْثر (¬2)؛ كط تقول: (أنت صادقٌ في كلِّ ما تقولُ؛ لكن ما حيلتُك في دعواي هذه)؛ هذا جواب سؤالٍ، تقديرُ السُّؤالِ: إنّه اسْتُعملُ حرفُ النَّفي، و (إلّا) هاهنا - لا في مُقابلةِ الإصرارِ؛ لأنَّ الكُفّارَ لا يقولون: إنهم ليسوا ببشر فضلًا عن الإصرارِ. الجوابُ: إنّه من باب المجاراة والتَّماشي مع الخَصْمِ، وإرخاءِ العنانِ معه؛ لتَبْكِيتِه؛ أي: إلزامه وإسكاتِه في المَعْثَر (¬3)؛ كما قد يقولُ من يخالفك فيما ادّعيت: أنَّك من شأنكَ كيت وكيت؛ فأنت تقول: نعم؛ إنِّي من شأني كيت وكيت، وأنت (¬4) صادقٌ في كلِّ ما تقول، لكن (¬5) ما حيلتُك في دعواي هذه؟؛ وكيف يقدحُ ذلك فيها؟ (¬6).
¬__________
(¬1) التَّبكيتُ: التَّقْريعُ والتَّوبيخُ. اللِّسان: (بكت): (2/ 11).
(¬2) المَعْثَرُ: موضع العثرة؛ وهي الزَّلَة. ومنه العاثور؛ وهو: ما يُعدّ ليُوقع فيه آخر.
ينظر: اللِّسان: (عثر): (4/ 539 - 540).
(¬3) فكأنّ الرّسل قالوا: سلّمنا أننا بشر؛ فإنَّه حق، لكن لا نمنع أنَّها لا تجامع الرّسالة، فإن {اللهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [سورة إبراهيم، من الآية: 11].
المصباح للجرجاني: (1/ 523).
(¬4) في ب: "فَأنت". وفي أ: "أنت".
(¬5) كلمة "لكن" ساقطة من أ.
(¬6) وهذا النَّوعُ من الكلام يُسمِّيه المنطقيّون بالقولِ الموجب، وهو من أساليب الكلام المنْصِف.