كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

وبه (¬1) يُعرفُ الفرقُ بين: (ما اختارَ إلّا منكم فارسًا)، و (إلّا فارسًا منكم)؛ فإنَّ معنى الأوّلِ: ما اختارَ فارسًا من قوم إلّا منكم؛ فقصرَ اختيارَ الفارسِ عليهم. ومعنى الثَّاني: ما اختارَ منكم أحدًا متّصفًا (¬2) بأي وصفٍ كان إلّا فارسًا؛ فقصرَ الاختيارَ منهم على الفارس. والأوّلُ أبلغُ في المدح؛ كما في قول الشّاعر (¬3):
لَوْ خُيِّرَ المِنْبَرُ فُرْسَانَهُ ... مَا اختارَ إلّا مِنْكُمُ فَارِسًا (¬4)
لاقتضائه انحصار الفرسانِ فيهم (¬5)، بخلاف الآخر، فإنّه لا يدلُّ على هذا الانحصار؛ بل على انحصار المختارِ مِنْهم في الفُرسَان.
¬__________
(¬1) أي: بما ذكر من أن المستثنى منه المقدّر يجب أن يكون عامًّا ومناسبًا للمستثنى.
(¬2) في الأَصل: "منتصفًا" والصَّواب من أ، ب.
(¬3) البيت من السّريع. وقائله: إسماعيل بن محمّد؛ المعروف: بالسّيِّد الحِمْيَرِيّ. قاله ضمن أبياتٍ يمدح فيها السّفّاحَ العبَاسيّ وقد خطب يومًا فأحسن.
والبيتُ في ديوان الشَاعر: (259)، والأغاني: (4/ 175)، وحسن التَّوسّل إلى صناعة التَّرسّل؛ لشهاب الدّين الحلبِيّ: (176)، ونهاية الأرب للنّويريّ: (7/ 85).
واستُشهد به في دلائل الإعجاز: (344)، والمفتاح: (299)، والإيضاح: (3/ 44)، والتّبيان: (292).
(¬4) في الأَصل: "ما اختار منكم إلَّا فارسًا"؛ وبه ينكسر الوزن. والصَّواب من أ، ب. مصدر البيت.
(¬5) في أ: "منهم".

الصفحة 516