كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

ترعاها، وبعد ذلكَ أهمّ مسارح النَّظر عندهم سَمَاءٌ تسقيهم وإيّاها، أي: الآبال (¬1). وإذا كانوا مضطّرّين (¬2) إلى مأوى يؤويهم، وإلى حصنٍ يتحصّنون فيه عند شنِّ الغاراتِ، ولا مأوى ولا حِصْن لهم إلّا الجبال، لا بدَّ وأن يكون خاطرُهم ملتفتًا إلى (¬3) جبالٍ هي معاقلُهم عند شنّ الغارات.
والمعاقِل: جمع معقل، وهو: الْمَلْجأ.
فتعانقُ هذه الصُّورِ في خيالِ البدويِّ ممّا لا كلام (¬4) فيه، بخلاف الحضريّ، فإنّه حيثُ لم تتآخذ عنده تلك الأمورِ ظنَّ النّسق - قبل أن يقفَ على ما ذكرنا - معيبًا؛
وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَولًا صَحِيحًا ... وآفَتُهُ (¬5) مِنَ الفَهْمِ السَّقِيمِ (¬6)
ولاستحبابِ التَّنَاسُب، أي: ولتحسين الوصلِ استحبَّ أن تكونَ
¬__________
(¬1) في الأَصل: "إذا في الآبال" والصَّواب من: أ، ب.
(¬2) في أ: "مقطرين" واستدركت في الهامش.
(¬3) "إلى" ساقطة من ب.
(¬4) في أ: "لا لكلام".
(¬5) الآفة: العاهة. الصِّحاح: مادة (أوف): (3/ 1101). والضّمير في "آفته" للقول.
(¬6) البيتُ من الوافر، وقائله أحمد بن الحسين المتنبّيّ. والبيتُ في ديوانه بشرح العكبريّ. (4/ 120).

الصفحة 529