كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

ولا تجعلَ {الَّذِينَ} صفته فتقدِّر السُّؤال عنده (¬1) وتستأنف {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيبِ} إلى ساقةِ الكلامِ (¬2)، أو {أُلَئكَ}، أي: أو تقول: الاستينافُ في قوله: {أُلَئكَ عَلَى هُدًى} (¬3) كأنَّه قيل: ما للمتّقين الجامعين بين الإيمانِ بالغيبِ -في ضمن إقامةِ الصَّلاةِ والإنفاقِ ممّا رزقهم الله- وبين الإيمان بالكتب المنَزّلة؛ في ضمنِ الإيقانِ (¬4) بالآخرة، اختُصُّوا بهدًى لا يُكتنه كُنْهه ولا يُقادرُ قدرُه، مقولًا في حقّهم {هُدًى للْمُتَّقِينَ ... الَّذِينَ ... وَالَّذِينَ ...} بتنكير (هُدًى) (¬5)؟، فأُجيبَ بأنّ: أولئك الموصوفين غير مستبعدٍ أن يفوزوا دون مَنْ عداهم بالهدى عاجلًا، وبالفلاح آجلًا. والفرْقُ بينهما: أنّ (المُتَّقِينَ)
¬__________
(¬1) أي: عند (الْمُتَّقِينَ) والسّؤال المقدّر المتّجه هو: لم أُخْتصَ المتّقون بذلك؟.
(¬2) فتجعل الموصول الأَوَّل مع صلته؛ {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ...} مبتدأ، والوصول الثَّاني مع صلته؛ {وَالَّذِينَ يُؤْمنُونَ بِمَا أُنْزِلَ ...} عطف عليه، {وأُلَئِكَ عَلَى هُدًى ...} خبره. أي: الَّذين هذه صفتهم حريٌّ بهم أن يكونوا على هدى في الدّنيا وفلاح في الآخرة. وهذا هو الوجه الأَوَّل.
(¬3) سورة البقرة؛ من الآية: 5.
(¬4) في الأَصل: "الإنفاق". والصَّواب من: أ، ب.
(¬5) هذا هو السّؤال المقدّر المتّجه على الوجه الثَّاني؛ ويتحقّق بجعل: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} وما عطف عليه من توابع المتّقين. ومنشأ السّؤال بعد اكتمالها.

الصفحة 534