كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

التَّعريف أُتبع بقوله: {لَا رَيْبَ} تقريرًا له ونفيًا للتَّجوّز وعدمِ التَّحقُّق؛ وكذلك فُصِل {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} لمعنى (¬1): التّقرير فيه للّذي قبله؛ لأنَّ قوله: {ذَالِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهَ} مَسُوقٌ لوصفِ التَّنْزيلِ بكمالِ كونه هاديًا؛ لأنَّ شأنَ الكمّبِ السَّماويّةِ الهدايةُ لا غير، وبحسبها تتفاوتُ في درجاتِ الكمال. و {هُدًى} أي: هو هدىً، ومعناه: نفسُه هدايةٌ محضةٌ بالغةٌ درجةً لا يكتنه كنهها. هذا؛ وإنّما (¬2) لم يذكر الصِّفةَ لأنّ الجملة لا تقعُ صفةً لجملةٍ أُخرى؛ لأنَّ الموصوف لا يكونُ إلّا ذاتًا، وما يقعُ موصوفًا في الجملةِ ليست بذات، بل نسبة؛ ولهذا لم يقع - أيضًا - محكومًا عليه.
وإمّا للتَّبايُنِ؛ أي: الفصلُ إمّا للاتِّحادِ، وإمّا للتّبايُن وكمال الانقطاع بينهما. فتارةً يكونُ ذلك لاختلافهما؛ أي: الجملتين، خبرًا وطلبًا، وتارة يكونُ لعدمِ (¬3) الرّبط بينهما.
فالأَوَّل، كقوله (¬4):
¬__________
(¬1) في ب: "بمعنى".
(¬2) في الأَصل: "وإن"، والصَّواب من أ، ب.
(¬3) في أ: "بعدم".
(¬4) البيتُ من السّريع. وقائله -في المصادر النّاسبة له- مختلف فيه، ففي شعر اليزيديّين: (202)، ورد البيتُ منسوبًا إلى إبراهيم بن المدبّر؛ اعتمادًا على ما نسبه صاحب الأغاني: (11/ 385)، أقدم المصادر النّاقلة له. وفي دلائل الإعجاز: (237) نسب البيت إلى اليَزيديّ، ولم يصرّح باسمه، واستشهد به على شبه =

الصفحة 538