كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

وَقَال (¬1): إِنِّي في الهَوَى كَاذِبٌ ... انْتَقَمَ الله مِنَ الكَاذِبِ.
لم يعطفْ (انتقم) على ما قبله، لأنّه دعاءٌ وما قبله خبَرٌ، إلَّا أن تُضمّن إحداهما، أي: إحدى الجملتين المختلفتين، معنى الأُخرى بأن ضُمِّنَ الخبرُ معنى الطّلب (¬2) أوْ بالعكس، فإنّه مع ذلك الاختلافِ لا يُفْصَل، إذ يصيرُ حينئذٍ -لاشتماله على ما يُزيلُ الاختلافَ- متوسِّطًا بين كمالِ الاتِّصالِ وبين (¬3) كمالِ الانقطاع، نحو قوله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (¬4) عطفًا (¬5) على {لَا تَعْبُدُونَ}، المُضَمَّنة معنى: (لا
¬__________
= كمال الاتّصال؛ حيث جعل: (انتقم الله) جوابًا لسؤال هو: فما تقول فيما اتّهمك به من أَنَّك كاذب؟.
كما أورده السَّكّاكيّ في المفتاح: (269) بدون نسبة؛ مستشهدًا به على كمال الانقطاع، وتابعه في ذلك الطِّيبيُّ في التّبيان: (308)؛ وكذا الخطيب القزوينيّ في الإيضاح (3/ 107) لكن نسبه إلى اليزيديّ.
وفي معاهد التّنصيص: (1/ 271 - 272) ورد البيتُ متردّدًا بين اليزيديّ وإبراهيم بن المدبّر.
(¬1) في الأَصل، بقيّة النّسخ، ف: "قد قال". والصَّواب من المصادر النّاقلة للبيت؛ ومنها: "المفتاح" الكتاب الّذي بنى عليه المصنّف مختصرَه.
(¬2) في أ: "الطلب معنى الخبر"، والمؤدّى مع قوله فيما بعد: "أو بالعكس" واحد.
وفيه دلالة على أنّ الموجب للتّباين هو الاختلاف معنى، سواء وجد اللّفظي أو لا.
(¬3) كلمة: "بين" ساقطة من أ.
(¬4) سورة البقرة، من الآية: 83.
(¬5) في أ: "عطف".

الصفحة 539