كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

سبيلِ المجازِ. والمجازُ أبلغُ من التَّصريح. وتصديرُ أُولى الزَّهراوين (¬1) وهُما سورتا البقرةِ وآلِ عمران بذكرِ الأولياءِ المتّقين (¬2).

والإطنابُ كقوله - تعالى -: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (¬3) بدلًا مِنْ أَنْ يُقَال: إنَّ في (¬4) وقوع كلِّ ممكنٍ مع تساوي طَرفيه لآياتٍ للعقلاء؛ إذ الخطابُ؛ أي: التخاطُب. مع الكافّةِ؛ أي: كافّة الخلائق. وفيهم الذَّكيُّ والغَيُّ والمُقَصِّرُ في باب النّظرِ والاستدلال، والقويُّ الكاملُ فيه؛ فلا يكون مقام أَدعى إِلى الإِطنابِ منه.
¬__________
(¬1) الزّهراوان: المنيرتان. تفسير ابن كثير: (1/ 36)، وقيل: "سمّيتا الزّهراوين: لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما". شرح النّووي على صحيح مسلم: (6/ 91).
وهذه التّسمية وردت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلَّم؛ إذ قال (صحيح مسلم: 1/ 553): "اقرأوا القرآن؛ فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه. اقرأوا الزّهراوين؛ البقرة وآل عمران ... ".
(¬2) صرح السَّكّاكيُّ بهذين النّوعين في المفتاح: (277). وظاهر أنّه استقاهما من الكشّاف: (1/ 77).
(¬3) سورة البقرة، الآية: 164. وعند قوله: {الأَرْضِ} توقّف الاسْتشهادُ عند المصنّف في ف، بينما تجاوز إلى قوله: {الْنَّهَارِ} في أ، ب.
(¬4) "في" ساقطة من ب.

الصفحة 547