كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

الإناءُ ماءً) - مناديةً على أنَّ الأصل:؛ (عندي عن منوان)، و (دراهم عشرون)، و (عسل ملء الإناء)، و (طابت نفسُ زيدٍ)، و (طيّر الفرح عمْرًا)، و (ملأ الإناء ماء) " (¬1).
وفيهما (¬2)؛ أي: في بابِ نعمَ وبئسَ وباب التَّمييزِ تفصيلٌ بعد إجمال ألا تراك إذا قلتَ: (نعم الرَّجلُ) مُريدًا باللَّام الجنسَ دون العهدِ كيف تُوجِّه المدحَ إلى زيدٍ أوّلًا على سبيل الإجمال، لكونه من أفرادِ ذلك الجنسِ، ثمَّ إذا قلتَ: (زيدٌ) كيفَ تُوجّهه إليه (¬3) ثانيًا على سبيل التَّفصيل. وفي التَّمييز كما إذا قلتَ: (طابَ زيدٌ)؛ فإن فيه إجمالًا لطيبه، ثمَّ إذا قلتَ: (نفسًا) صارَ مُفصّلًا.
قال [تعالى] (¬4): {قَال رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} (¬5) مقامَ شِخْتُ، وفيه انتقالاتٌ لطيفةٌ، لأنَّ أصلَ معنى الكلامِ ومرتبته الأُولى: (قدْ شِخْت)، فإنَّ الشَّيخُوخةَ مُشتملةً على ضعف البدنِ وشيبِ الرأسِ المتعرَّض لهما في الآية - تُركتْ لتوخِّي مزيدِ
¬__________
(¬1) وبمعرفة الأَصل يتضح أنَّ العدولَ عنه إلى التَّأخير قُصِد ليحصلَ ذكره مرّتين؛ إجمالًا أوّلا، وتفصيلًا ثانيًا؛ ممّا يجعله أوقعَ في نفسِ المخاطب من ذكره مرّة واحدة.
(¬2) هكذا -أيضًا- في ف. وفي ب: "وفيه".
(¬3) في ب: "عليه".
(¬4) ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأَصل، ومثبت من: أ، ب.
(¬5) سورة مريم؛ من الآية: 4.

الصفحة 549