كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

فإمّا أن لا يستدعي الإمكان (¬1)؛ أي: لا يَسْتدعي في مطلُوبِه إمكانَ الحصولِ؛ لا أنه يستدعي أن لا يمكن. والأَوَّلُ أعمُّ؛ لأنّه كُلّما صدقَ: (يستدعي أنْ لا يُمكن) صدق: (لا يَسْتدعي أن يُمكن) وإلّا لصدقَ (¬2): (يستدعي أن يُمكن)، فيجتمعُ النَّقيضان. وليسَ كلّما صدق (¬3): (لا يستدعي أن يُمكن) صدق: (يستدعي (¬4) أن لا يُمكن)؛ لأن الأَوَّلَ يحتملُ أن يُجامع الإمكانَ وعدمه؛ لاحتمالِه منهما، بخلافِ الثاني فإِنَّه لا يُجامعُ الإمكانَ لاستلزامه عَدَمه (¬5). وهو التَّمنِّي يقولُ: (ليتَ الشّبابَ يعُود) فيما لا يُمكن؛ لامتناع عودِ الشّبابِ. و (ليت لي مالًا أنفقه) فيما يمكن.
أو يَسْتدعيه؛ أي: إِمكان حُصولِ المطلوب.
¬__________
(¬1) هذا شُروع في بيان أنواع الطلب.
(¬2) في أ: "صدق" والمعنى واحد.
(¬3) كلمة: "صدق" ساقطة من ب.
(¬4) في الأصل زيادة: "أي: تقضيه" وظاهرٌ أنها مقحمة داخل السّياق.
(¬5) يلحظ أن الشّارح -رحمه الله- استطرد في إيضاح عبارة المصنف المتقدّمة بما هو أقرب إلى الغموض والإلباس معتمدًا -في ذلك- على ما ذكره الشّيرازيّ في مفتاح المفتاح: (730)؛ إذ بنى حديثَه على كلمتين؛ زاوج بينهما ثمّ أدارهما نفيًا وإثباتًا؛ ليصل إلى مراده على طريقة شيخه السَّكاكي؛ رائد المدرسة البلاغية المنطقيّة. ولم يكن المعنى المنشود بالإيضاح بعيدًا لو فسّر جملة: "لا يستدعي الإمكان" بأنها تتناول الممكن والممتنع، وجملة "تستدعي عدم الإمكان" بأنها لا تتناول الممتنع.

الصفحة 563