كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

لأنَّه مِمَّا لا يعقل؛ وهذا قَريبٌ مِمَّا يُسَمَّى بأسلوبِ الحكيمِ (¬1).
فَلَم (¬2) يتفطَّنْ فرعونُ له وعجَّب من حَولَه من جماعة الجهلَةِ (¬3)، فقال لهم: ألا تَسْمعون!، سألتُه عن حقيقته، وهو يذكر أوصافَه، ثم لمّا وجده (¬4) مُصِرًّا على الجوابِ؛ إذْ قال في المرَّة (¬5) الثانية: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} (¬6) استهزاءً بموسى وجَنَنه (¬7)؛ فقال: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} (¬8). فغلظ بقوله: {إنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} (¬9) حين لم يرهم يَفْطُون لما نبَّههم عليه (¬10) في الكرَّتين من فسادِ مسألتهم
¬__________
(¬1) في ب: "بالأسلوب الحكيم".
وهو (الإيضاح؛ 2/ 94): "تلقّي المخاطب بغير ما يترقّب؛ بحمل كلامه على خلاف مراده؛ تنبيهًا على أنه الأوْلى بالقصد. أو السّائل بغير ما يتطلّب بتنزيل سؤاله منزلة غيره؛ تنبيهًا على أنه الأولى بحاله أو المهمّ له" ويبدوا أنّ أول من سمّاه الأسلوب الحكيم هو السكاكيُّ. ينظر: المفتاح: (327)، ومعجم البلاغة العربية؛ لبدوي طبانة: (280).
(¬2) هكذا -أيضًا- في ف. وفي ب: "لم"
(¬3) في الأصل: "الجماعة". والمثبت من أ، ب. المفتاح.
(¬4) أي: وجد موسى فرعونَ.
(¬5) في ب: "الكرَّة" وهما بمعنى.
(¬6) سورة الشعراء؛ من الآية: 26.
(¬7) أقوله: نسبه إلى الجنون؛ كما تدلّ عليه الآية بعدَه.
(¬8) سورة الشعراء؛ من الآية: 27.
(¬9) سورة الشعراء؛ من الآية: 28.
(¬10) في "الأصل: "عنه". والمثبت من أ، ب.

الصفحة 584