كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

و (كيف تؤذي أباك!)، ليس للسّؤالِ عن الحالِ، وهو أنك في أيَّة حالةٍ تُؤذيه؟، بلْ مَعناه: كيف يجوزُ ذلك، فيكون بحسبِ الاعتقادِ (¬1) للإنكارِ، والتَّعجُّبِ، والتوبيخ.
ومنه؛ أي: من البابِ الذي (كَيْف) فيهِ للإنكارِ والتَّعجّبِ والتَّوبيخ قولُه -تعالى-: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} (¬2)؛ إذْ ليسَ معناه: السُّؤال عن الحالِ؛ بَلْ معناه: كيف يجوز ذلك، والحال أنكم كنتم كذا وكذا!. وصدورُ الكُفْر عن العاقل العالم مع أن علمَه بذلك مانعٌ قويٌّ منه -مظنّةُ التَّعجُّب [والتّعجيب] (¬3) والإنكارِ والتَّوبيخ.
و (أينَ مُغِيثُكَ) للإنكارِ والتَّقْريع حال تذليلِ المُخَاطبِ، إذ ليسَ معناه السّؤال عن مكانِ المغيث. والتَّقريعُ لكونه (¬4) سُؤالًا في وقتِ الحاجةِ إلى الإغاثةِ عمَّن كان يَدَّعي أنه يغيث، وهو نحو: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} (¬5) فإنَّه ليس استفهامًا عن مكانِ الشُّركاءِ؛ بلْ
¬__________
(¬1) في أ، ب: "الاعتبارات".
(¬2) سورة البقرة، من الآية: 28.
(¬3) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. ومثبت من أ، ب. المفتاح.
(¬4) كلمة: "لكونه" تكرَّرت في ب.
(¬5) سورة القصص، من الآية: 62. ومن الآية: 74.

الصفحة 592