كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

تذنيبٌ
قد يوضعُ الخبرُ مَوْضعَ الطَّلبِ (¬1) إخراجًا للكلامِ لا على مُقْتضى الظَّاهرِ؛ كما أُخرج (أيُّهَا (¬2) الرَّجلُ) من الطّلبِ إلى الخبرِ عن الاختصاصِ؛ وذلك لوُجوهٍ من الأَغْراضِ:
الأَوَّل: التَّفاؤُلُ بالوقوعِ؛ كما إذا قيلَ لك في مقامِ الدُّعاء: (وفَّقك الله للتَّقوى) بدل قوله: (اللَّهمَّ وفِّقه له)، كأنَّه يتفاءلُ بلفظِ المُضيِّ على عدّه (¬3) من الأمورِ الحاصلةِ الَّتي حقُّها الإخبارُ عنها بأفعالٍ ماضيةٍ.
ومنه؛ أي: من التَّفاؤُل: تسميةُ المفازةِ للفلاةِ المهْلكةِ، والنَّاهلِ -وهو الرَّيّان- للعَطْشانِ، والسَّليم -وهو ذُو السَّلامة - للَّديغِ؛ إطلاقًا للضدِّ على الضِّدِّ تفاؤُلًا به، واحْتِرازًا عن التَّلفُّظِ بالفلاةِ، والعطشانِ، واللَّديغِ.
ورُوعِي التَّفاؤلُ حتَّى (¬4) لَمْ يكتب المترسّلون (¬5) للمُخَدَّراتِ (¬6) في
¬__________
(¬1) لما استوعب الكلام في الخبر والطَّلب وأقسامهما على مقتضى ظاهر الحال ناسب أن يختم كلامه بما يشترك بينهما؛ وهو أنَّ كلَّ واحدٍ منهما يخرج لا على مُقْتضى الظَّاهر ويذكر في موضع الآخر.
(¬2) في أ، ب: "يا أيها" ولا اختلاف فالمقدَّر كالثَّابت.
(¬3) في ب: "غيره" وهو خطأٌ ظاهرٌ.
(¬4) هكذا -أيضًا- في أ، ف. وفي ب: "حيث".
(¬5) في الأصل، ب: "المرسلون". والمثبت من: أ؛ إذ المراد أعمّ من توجيه الخطاب إليهنّ.
(¬6) المُخَدَّرات: جمع مخدَّرة؛ وهي المرأة الّتي لزمت الخِدر، والخِدرُ ستر يُمدّ للجارية =

الصفحة 607