كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

فاعتبِره في القرآنِ وتأمّل قال- تعالى -: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إلا اللَّهَ} (¬1) في موضِع (لا تعبدوا) (¬2)، وهو أبلغُ من صريح النَّهي؛ لِمَا فيه من إيهامِ أنَّ المنهيَّ مُسارعٌ إلى الانتهاءِ؛ فهو يُخبر عنه؛ كما تقول: (يذهبُ فلان يقول لزيدٍ كذا) تريدُ الأمر، وتُظْهر أَنَّه مسارعٌ إلى الامتثال؛ فأنت تُخبرُ عنه؛ وقال: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} (¬3) في موضع (لا تسفكوا) (¬4) على نحو ما سبق.
ومنه؛ أَي: من قَبيلِ وضع الخبرِ موضع الطَّلبِ قولُ البلغاءِ في الدُّعاءِ: (رَحِمَهُ اللهُ).
وقد يُوضع الأمرُ موضعَ الخبر (¬5). وفي المفتاح وإن عَمَّم وضع الطَّلبِ موضع الخبرِ (¬6)، لكنَّ الأمثلة خصّصتهُ (¬7) بالأمر. للرِّضا بالواقع. إظهارًا إلى درجةِ حتَّى كأنه؛ أي: [كأنَّ] (¬8) ذلك الشَّيء المَرْضِيّ.
¬__________
(¬1) سورة البقرة، من الآية: 83.
(¬2) في ب: "لا تعبدون" وهو خطأ ظاهر.
(¬3) سورة البقرة؛ من الآية: 84.
(¬4) في ب: "لا تسفكون" وهو خطأ ظاهر.
(¬5) عطف على قوله: "قد يوضع الخبر موضع الطَّلب".
(¬6) ينظر: المفتاح: (326).
(¬7) في ب: "خصّصتها" ولا وجه للتّأنيث.
(¬8) ما بين المعقوفين أورد محرّفًا بالزِّيادة في الأصل هكذا: "كأنه" ثمّ شُطب عليه توهّمًا أنّه تكرارٌ للكلمة قبله. والكلمة مثبتة من أ، ب.

الصفحة 612