كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (¬1).
وهو للتّسويةِ للمخاطبِ بين أن يفعلَ الإِسَاءَة والإِحْسَان؛ لأَنَّ المرادَ بالأَمر الإيجابُ المانعُ عن التَّركِ، لكن مع مَيْلٍ [أيْ: مع ميلِ المتكلّم] (¬2) إلى كلِّ اختارَه؛ أي: لكن مع إِظْهار مزيدِ الرِّضا والْمَيلِ بأَي ما اختارَ المخاطبُ في حقِّه من الإساءةِ أو الإحسانِ، ولولا ذلك لكان مُقْتضى المقامِ أن يقول: (أنا راضٍ بما تفعلين ولا أَلُومك أحسنتِ إلينا أو أَسأتِ) على سَبيل الإخبار.
وكذا في الآية الكريمة؛ المرادُ: التَّساوي بين الأَمرين في عدمِ الإفادةِ لهم؛ وكانَ حَقُّه أَنْ يُقال: (لنْ يغفر الله لهم استغفرت لهم أو لم تستغفرْ).
أو ميلِ المخاطبِ إليه؛ عطفٌ على قوله: (للرِّضا بالواقع)؛ أي: قد يوضعُ الأمرُ موضعَ الخبرِ لميلِ المخاطبِ إلى الوقوع؛ نحو: (إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) (¬3)؛ أي: صنعتَ ما
¬__________
(¬1) سورة التّوبة؛ من الآية: 80.
(¬2) ما بين المعقوفين غير موجود في الأصل. ومثبت من أ. لمزيد من الإيضاح.
(¬3) حديثٌ أخرجه البخاريّ في صحيحه: (5/ 9) وأبو داود في سننه: (5/ 148 - 149) بلفظ: "فافعل" وهو إحدى الرِّوايتين عند البخاريّ، وابن ماجه في سننه: (2/ 1400)، والإمام أحمد في مسنده: (5/ 273). قال ابن حجر في فتح الباري: (6/ 605): "هو أمر بمعنى الخبر أو هو للتَّهديد ... ". ومثله قال ابن الأَثير في النِّهاية. ينظر: (3/ 55). =

الصفحة 614