كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 2)

أَوْ لاسْتِطرافٍ؛ وهو عدُّ الشَّيء طريفًا؛ أَيْ: حَديثًا، وهو إِمَّا لبُعدِه في الواقع؛ بحيثُ يُتصوّرُ امتناعُه عادةً؛ كقولك في الجمرةِ: بَحْرٌ من المِسْكِ مَوْجُهُ الذَّهبِ. وقال في المفتاح (¬1): "كما إذا شبَّهتَ الفحمَ فيه جَمْرٌ موقدٌ ببحرٍ من المسكِ موجُه الذَّهب" (¬2). أَوْ في الذّهن؛ أي: وإمّا لبُعدِه في الذِّهنِ؛ أَيْ: يكونُ المشبّهُ به نادرَ الحضورِ في الذِّهنِ. وهو إِمَّا مُطلَقًا، أَوْ حين التَّشبيهِ.
الأَوَّلُ: كالمثالِ المذكورِ من الجَمرةِ والبحرِ.
والاستطرافُ -كاستطراف النَّوادر عندَ مُشاهدتها- موجِبٌ للاسْتِلْذَاذ؛ لِجِدَّتِها كما قيل: (ولِكُلِّ جديدٍ لذّةٌ (¬3)؛ كما أنَّ لكلِّ عتيق حُرمة).
¬__________
(¬1) ص: (341).
(¬2) ويلحظُ عدم وضوح التَّصوير في مثال المصنِّف -رحمه الله- لكونه جعل المُشبَّه مفردًا؛ وهو: "الجمرة" بخلاف المثالِ عند السَّكّاكيّ فقد جعل المشبَّه مركّبًا من فحم فيه جمر موقد. ولعلَّ الكرمانيّ عندما أورد كلام السَّكّاكيّ - نصًّا - أراد أن يستدرك على المصنّف ما وقع فيه من قصور.
(¬3) من أمثال العرب. ينظر: جمهرة الأمثال: (2/ 16)، والمستقصى: (2/ 291). وهو من قول الحطيئة (ديوانه 331):
لكلّ جديد لذَّةٌ غَيْرَ أنّنِي ... وجَدْتُ جديدَ المَوْتِ غير لَذِيذِ

الصفحة 648