المأَلوفُ غيرَ مُسْتكره، والمكرَّرُ مُسْتَكرَهًا؛ بل يجبُ على هذا أن يكون المألوفُ أكرهَ شيءٍ عند النَّفس!.
والمصنّفُ ينقلُ كلامَ السَّكاكيَّ، وإلَّا (¬1) فالحقُّ عنده على طرفِ التَّمامِ؛ وهو: أن كل تَكْرارِ لا يورثُ الكراهة؛ بل الذي يُورثُها تكرارُ شيءٍ منه بدٌّ؛ وهو مُنافٍ للإِلف؛ وأمَّا تكرارُ شيء لا بدَّ منه؛ كتكرارِ الشَّبه الضُّروريّة (¬2) عند الطيبِ؛ فهو غيرُ مُنافٍ للإِلفِ؛ بل موجبٌ لهُ (¬3).
فالحاصلُ: أن الجديدَ ألذُّ من المعاد الغيرِ المألوف.
ثم قربُ التَّشْبيه، وسقوطُه عن درجةِ الاعتبارِ؛ لوحدةِ الجهةِ؛ أي: جهة التَّشبيه بأن يكونَ أمرًا واحدًا؛ كالسَّوادِ في نحو: (زِنجيٌّ كالفَحْمِ)، أَوْ (¬4) لتَجانُسِ الطرفين وقُرب المناسبة بَيْنهما؛ نحْو: تشبيه عنَبة كبيرة سودَاء بأنَّها (¬5)؛ كإجَّاصَة (¬6)، أَوْ كونه؛ أَي: المشتبه أَكْثريُّ الحضورِ لجهةٍ من الجهاتِ؛ كتكرُّرِه على الحسِّ، أَوْ غيره؛ كالبَدْرِ [في] (¬7) نحو: (وجهٌ كالبدرِ).
¬__________
(¬1) "وإلّا" ساقطة من ب.
(¬2) في أ، ب: زيادة: "المشهورة"، والسّياق تام بدونها.
(¬3) وعليه قول الشّاعر:
أعد ذكرَ نُعمان لنَا إن ذِكْرَهُ ... هُوَ المِسْكُ ما كَرَّرْتَه يَتَضوَّعُ
(¬4) هكذا -أيْضًا- بالعطف بـ "أوْ" في ف. وفي أبالعطف بالواو.
(¬5) في أ، ب: "بأنَّه".
(¬6) الإجّاصة: ثمرة لنبات من الفصيلة القرنفليّة.
(¬7) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل. ومثبت من أ، ب.