كتاب تحقيق الفوائد الغياثية (اسم الجزء: 1)

3 - جَاء في "الرّدود والنّقود" عند حَديثه عن القرآنِ وهو بصدد الرَّدِّ عَلى القُطيِّ في قوله إِن المعنَى القَائِم بذاتِ الله ليس بكتابٍ - قَوْلُه (¬1): "المشهورُ عند الأشَاعرة ... أن كلامَ الله عبارةٌ عن ذلك المعنى، وهذه الألفاظ دَالَّةٌ عَلَيه".
ولا يكشف السِّياقُ الذي وردَت فيه تلك العبارة عن مسوِّغ مقنع لإيرادِ مَذْهب الأَشاعرةِ في كَلامِ الله هنا (في معرض الرَّدِّ) سوى انتسابِ الكِرمانيِّ إلى هذا المَذْهب (¬2). بل ظهر في غيرِ مَوْطن في "تحقيقِ الفوائدِ الغياثيّة" ثمرة اعتقادِه فِي كلامِ الله. بما يتَّفق مع المذهبِ الأَشْعريِّ، منها:
¬__________
(¬1) (ل 144 / أ) مخطوط رقم (8887 ف 1) في الجامعة الإسلاميّة في المدينة المنورة.
(¬2) ينظر معتقدهم في كلام الله في: اللّمع في الردِّ على أهل الزيغ والبدع؛ لأبي الحسن الأشعريّ: (22)، وتمهيد الأوائل وتلخيص الدّلائل للقاضي الباقلّاني: (268 - 284)، والإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أصول الاعتقاد؛ لأبي المعالي الجويني: (103 - 107).
وهو بخلافِ مذهب السَّلف من الصَّحابةِ والتَّابعين، الذين يُثْبتون صفةَ الكلام للهِ تعالى ويرون (شرح العقيدة الطحاوية: 180): "أنه تعالى لم يزل مُتكلِّمًا إِذا شاءَ ومتى شاءَ وكيف شاءَ، وهو يتكلمُ بصوتٍ، وأنّ نوعَ الكلام قديم وإِنْ لم يكن الصَّوت المعين قديمًا". وينظر: العقيدة الواسطيّة: (111). وتبعًا لذلك فإِنَّهم يعرِّفون القرآن بقولهم (العقيدة الطّحاوية: 179): "القرآن كلام الله، منه بدأ بلا كيفيَّة قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدَّقه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأيقنوا أنَّه كلام الله تعالى بالحقيقة وليس. بمخلوق ككلام البريّة " وينظر: العقيدة الواسطّة: (136)، ومجموع الفتاوى لابن تيميّة (12/ 17، 65، 244، 306)، ومختصر الصواعق: (2/ 292).

الصفحة 69