كتاب منهاج المسلم

علَى مثلِ هذهِ الأدلةِ العقليةِ المنطقيةِ، والنقليةِ السمعيَّةِ، آمن المسلمُ باللهِ تعالَى، وبربوبيَّتهِ لكل شيء، وإلهيته للأوَّلينَ والآخرينَ، وعَلى هذَا الأساسِ منَ الإيمانِ واليقيِن تتكيَّفُ حياةُ المسلمِ في جميعِ الشُّؤونِ.

الفصلُ الثَّانِي: الإيمانُ بربوبيَّةِ (¬1) الله تعالَى لكل شيء
يؤمنُ المسلمُ بربوبيتهِ تعالَى لكلِّ شيءٍ، وأئهُ لا شريكَ لهُ فيِ ربوبيتهِ لجميع العالمين، وذلكَ لهدايةِ اللهِ تعالَى لهُ أوَّلًا، ثمَّ للأدلةِ النقليَّةِ والعقليةِ الآتيةِ ثانيًا:

الأدلةُ النقلية:
1 - إخبارهُ تعالَى عنْ ربوبيتهِ بنفسهِ إذْ قالَ تعالَى في الثَّناءِ علَى نفسهِ: {اَلحمدُ لِلهِ رَبِّ الْعالمين} [الفاتحةُ: 2] . وقالَ فيِ تقريرِ ربوبيَّتهِ: {قلْ مَن رب اَلسَّمواتِ وَاَلأرضِ قُلِ الله} [الرعْدُ: 16] . وقالَ في بيانِ ربوبيَّتهِ وألوهيتهِ: {رَب اَلسمواتِ وَاَلأرضِ وَمَا بَينهُمَاَ إِن كنُتُم موقنين ـ لَا إِلَهَ إِلا هو يحيي وَيُمِيتُ رَبكم وَرَب ءابآئكم اَلأولِينَ} [الدُّخانُ] .
وقالَ فيِ التذكيرِ بالميثاقِ الَّذِي أخذهُ علَى البشرِ وهم فيِ أصلابِ آبائهمْ بأنْ يؤمنُوا بربوبيَّتهِ لهم، ويعبدوهُ ولَا يشركوا بهِ غيرهُ: {وَإذ أَخذَ رَبكَ مِن بني ءادم مِن ظُهُورِهِم ذُريتهُمْ وَأَشهَدَهم عَلي أَنفُسِهِم أَلَسْتُ بِرَبكم قَالُوا بَلي شَهِدْنا} [الأعراف: 172] .
وقالَ في إقامةِ الحجَّةِ علَى المشركينَ وإلزامهم بهَا: {قُل مَن رَّبُّ اَلسمَواتِ اَلسبعِ وَرب اَلعرشِ اَلعظِيمِ ـ سيقُولُونَ لله قُل أَفَلَا تتقون} [المؤمنونَ] .
2 - إخبارُ الأنبياءِ والمرسلينَ بربوبيَّتهِ تعالَى، وشهادتهم عليهَا وإقرارهمْ بهَا. فآدمُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ فيِ دعائهِ: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) } [الأعراف: 23] . ونوحٌ قالَ فيِ شكواهُ إليهِ تعالَى: {رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) } [نوح: 21] [نوح: 21] . وقالَ: {رَب إِنَّ قَومى كَذبُونِ فَاَفتح بينِي وَبينهم فتحاً وَنجنِي وَمَن معيَ مِنَ المؤمنين} [الشعرَاء] . وقالَ إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم - في دعائهِ لمكّةَ حرمِ اللهِ الشَّريف، ولنفسهِ وذرِّيَّتهِ: {رَب اَجعل هَذَا اَلبَلَدَ ءَامِنَا وَاَجنُبْنِي وَبني أَن نعبُدَ اَلأصنَامَ} [إبراهيمُ: 35] . وقالَ يوسفُ عليهِ وعلَى نبينَا أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ فيِ ثنائهِ علَى اللهِ ودعائهِ إيَّاهُ: {رَب قَد ءَاتيتَنِي مِنَ
¬__________
(¬1) الربوبيةُ: الاسمُ منَ الرب، ومعنَى ربوبيتهِ تعالى للأشياءِ كونهُ ربًّا لهَا، أيْ خالقًا لهَا، ومدبرًا لأمرهَا.

الصفحة 10